Table of Contents
المقدمة
في عصر الرقمنة والحداثة، ومع التقدم المعرفي الذي طال جميع المجالات، بات من الضروري على أولياء الأمور الاستفادة من كل جديد خاصة في التربية الإسلامية لأطفالهم وتعليمهم القرآن الكريم. في هذا المقال نضع بين يديك أفكاراً تربوية ووسائل منها الحديث المتفوق، ومنها التقليدي الأصيل، لمساعدتك في تعليم القرآن الكريم للأطفال.
بسم الله الرحمن الرحيم
القرآن الكريم هو كلام الله تعالى الذي بيّن فيه شريعته وحقائق دينه، فكانت منزلته رفيعة، وفضل تلاوته وتدبّره عظيم جداً. فكيف بنا إذا وفقنا الله أن نعلّمه لأبنائنا وبناتنا؟
عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«خَيْرُكُمْ من تعلم الْقُرْآن وَعلمه». رَوَاهُ البُخَارِيّ
فالحمد لله الذي وفقك للخير وألهمك الرشد بالسعي لتعليم أبنائك القرآن الكريم. ليكون بذرة الخير التي تغرس فيهم منذ الصغر, فتكبر معهم حتى تصبح شجرة مثمرة، يستظلون بظلّها ويأكلون من ثمارها الطيبة التي تزكي نفوسهم وتنير قلوبهم وبصائرهم. ولعلّك حين سمعت حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم المروي عن ابن عمر رضي الله عنهما:
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" كلكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته، والأمير راعٍ، والرجل راعٍ على أهل بيته؛ والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته" (متفق عليه).
شعرت بأهمية هذه الأمانة تجاه أبنائك، وعرفت الدور المهم الذي أوكلك الله به في تربيتهم. ولكن.. من أين البداية؟ وكيف؟
كيف أبدأ ؟
لا شك أن هناك تساؤلات ترددت إلى ذهنك، منها:
- متى أبدأ في تعليم القرآن الكريم للأطفال؟
- ما السور التي يفضّل أن أبدأ بها؟
- ما أفضل أساليب تعليم القرآن الكريم للأطفال؟
- ما مقدار الحفظ اليومي المناسب في تحفيظ القرآن الكريم للأطفال؟
- كم من الوقت سيستغرق ذلك يومياً؟ وهل سأتمّكن من المثابرة وسط المهام اليومية الأخرى؟
- والمهم أيضاً، كيف أجعل أبنائي يستمتعون بالورد اليومي دون ملل أو تأفف؟
أيتها الأم المربية، إذا راودتك هذه الأسئلة، فأنت تسعين جدّياً لتحفيظ أطفالك القرآن الكريم، وقد كتبنا هذا المقال خصيصاً لنساعدك في الإجابة عن الأسئلة السابقة ولنقدم لك حلولاً عمليّة تيسّر الطريق نحو بداية ناجحة في تعليم القرآن الكريم لأطفال وضمان الاستمرارية إن شاء الله... والآن، إليك بالإجابات.
متى أبدأ في تعليم القرآن الكريم للأطفال؟
التربية في مرحلة الطفولة المبكرة من حياة الطفل أمر هام جداً وهي تمتد من عمر (2- 6) سنوات، إذ أن علم النفس اعتبر هذه المرحلة مرحلة ذهبية يمكن فيها غرس القيم الصحيحة في نفوس الأطفال، عبر تقديم نموذج عملي أمامهم، الأمر الذي سيعود عليهم باتباع هذه القيم والتمسك بها لاحقاً. وهذه الفترة يجب أن تكون مليئة بالمداعبة والمتعة بعيداً عن الترهيب والتأديب. وخير ما تبدئين بتعليمه للطفل يا مربية الجيل هو ذكر الله، مثل البسملة (بسم الله الرحمن الرحيم)، مع سورة الفاتحة للأطفال.
ما السور التي يفضّل أن أبدأ بها؟
عند تعليم القرآن الكريم للأطفال، من المناسب أن تبدئي بسورة الفاتحة وذلك لشرفها العظيم إذ أنها فاتحة الكتاب وأم القرآن، كما أنها السورة التي نرددها في كل ركعة من ركعات الصلاة. فتفكّري في رضى الله تعالى عنك وفي حجم الأجر الذي ستحصلين عليه فقط بتعليم أبنائك هذه السور إذ سيقرؤونها طيلة حياتهم إن شاء الله، عدة مرات في اليوم الواحد!
ثم سورة الإخلاص، ثم غيرها من قصار السور (كسورة الكوثر، سورة الناس، سورة الفلق، ..) إذ أنها سهلة الحفظ، وتشعر الطفل بالإنجاز في وقت وجيز ما يولد لديه الحافز على الاستمرار خصوصاً إن خصصت له مكافأة عند إتمام حفظ كل سورة وهذا أمر محبّذ جداً.
ما أفضل أساليب تعليم القرآن الكريم للأطفال؟
تحفيظ القرآن الكريم للأطفال وتعليمه يكون بالتلقين، فعليك أن ترتلي الآية على مسمع طفلك أولاً ثم دعيه يرددها، ثم كرري ذلك ٣ مرات أو أكثر حتى يحفظها ويتمكن من تكرارها بمفرده.
كما يفضّل أن ترددي الآية مع أحكام التجويد بشكل مبسط. فعندما يحفظ الطفل الآيات مع أحكام التجويد مباشرةً، تسهل عليه تلاوة القرآن كاملاً وتعلّم أحكام التجويد في وقت لاحق.
ثم دعيه يكرر الآيات التي حفظها بمفرده مرتين أو ثلاثة حتى تتأكدي أن تلاوته سليمة وحفظه خال من الأخطاء.
ما مقدار الحفظ اليومي المناسب في تحفيظ القرآن الكريم للأطفال؟
يختلف ذلك بحسب العمر وملكة الحفظ لدى الطفل. وعلى أي حال، يمكنك أن تبدئي بسطرين أو ثلاثة أسطر، وذلك للأطفال ذوي السادسة من العمر أو أقل، أي بما يعادل سورة الكوثر أو سورة الناس. ثم تزيدين بحسب قدرة الطفل على الحفظ، فقد تصل إلى نصف صفحة في اليوم أو صفحة لمن هم في العاشرة من العمر أو أكثر.
وفي هذا الجانب، نقترح عليك ما يلي:
- عليك بالاعتدال في مقدار الحفظ، ومراعاة ضغط الواجبات المنزلية بحيث لا يكون حفظ القرآن سبباً للتقصير في التحصيل العلمي للأطفال، ولا يكون الأخير أيضاً مدعاة للتفريط بورد الحفظ، فالقرآن نور يفتح العقول، ويشرح الصدور، ولنا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هدى:
أحَبُّ الأعْمالِ إلى اللهِ تَعالَى أدْوَمُها، وإنْ قَلَّ. صحيح مسلم.
- حضري برنامجاً لتحفيظ القرآن للأطفال، وخصصي يوماً في بالأسبوع ليراجع فيه ما حفظه خلال الأيام الفائتة بدون حفظ آيات جديدة
كم من الوقت سيستغرق ذلك يومياً؟ وهل سأتمّكن من المثابرة وسط مهامي اليومية الأخرى؟
يحتاج الأمر يومياً من ربع إلى نصف ساعة لا أكثر، مرتبطة بتركيز الطفل وملكة حفظه. يستمع فيها إلى الآيات ويرددها ثم يسمّعها لك. وقد تستفيدين من فيديوهات القرآن المعدّة للأطفال مثل المصحف المعلّم أو الدروس القرآنية المتوفرة في تطبيق حسناتي. حيث تحمل عنك جانب الترتيل لطفلك وتقومين فقط بالتسميع عند النهاية. وبذلك يتقلّص وقت جلوسك معه أثناء الحفظ، مع أننا لا نفضل ذلك، إذ نرى أن وجودك إلى جانبه مهمُ تربوياً ويشعره بالجدية والأهمية.
كيف أجعل أبنائي يستمتعون بالورد اليومي دون ملل أو تأفف؟
هذه قضية مهمة جداً يغفل عنها الكثير من أولياء الأمور، ولحرصهم الشديد على تعليم القرآن الكريم للأطفال، يصبح ذلك بالنسبة للطفل أمراً إجبارياً، يقوم به كي لا يتعرض للتوبيخ أو العقاب، فيتملل الطفل ويتأفف ويتفنّن في التهرب منه خصوصاً وسط الملهيات الأخرى الكثيرة مثل اليوتيوب والألعاب، والتي تجذب انتباهه أكثر وتعطيه المتعة والتشويق دون فائدة تذكر على الأعم، بل ربما مع ضرر. الأمر الذي يؤثر أيضاً على الأم ويصعّب المهمة عليها، ويحوّل فترة حفظ القرآن إلى فترة مشحونة وضاغطة على الطرفين.
كي نتفادى الوصول إلى هذه المرحلة ونتمكن من جعل هذه الفترة من أجمل فترات الطفل خلال اليوم، هناك عدة أمور يجب مراعاتها والتنبه لها، نذكر منها الآتي:
1. حدثي أبنائك دورياً عن فضائل القرآن الكريم بشكل طبيعي عفوي وفي الأوقات المناسبة خلال اليوم.
2. دعيهم يرونك وأنت تقرئين القرآن يومياً فقد قال أحدهم: الأولاد لا يتعلمون منا، بل يقلّدوننا.
3. أعلميهم قبل وقت ورد الحفظ بفترة وجيزة، كي يتحضروا نفسياً ولا ينقطعوا عمّا يقومون به بشكل مفاجئ خاصة إن كان أمراً ممتعاً ومهماً بالنسبة لهم.
4. ابتعدي عن الصراخ والضغط، واستخدمي الجمل التحفيزية المليئة بكلمات الثناء والمحبة كأن تقولي:” هيا يا حبيبي المجتهد”،” أنت ابني/ابنتي الرائع(ة)",” ما شاء الله، حفظت بشكل ممتاز", "يوما ما سأقر عيني بحفظك القرآن كاملاً“.
5. ضعي لهم أهدافاً محددة قريبة ليشعروا بالإنجاز وكافئيهم عليها كي تتجدد همّتم باستمرار ويكونوا مستعدين نفسياً لاقتطاع جزء من يومهم للقرآن.
6. احذري من المقارنة السلبية، كأن تقولي:” انظر كيف أن أختك تحفظ أفضل منك“ أو ” فلان مجتهد أكثر منك وقد وصل لسورة كذا”. فهذا الأمر سلبي جداً لكثير من الأطفال وقد يزرع الغيرة والكراهية بين الإخوة أو الأقارب. فلكل طفل إمكانياته الخاصة، ولا مانع أن يكون هناك قدوة للطفل لكن دون المقارنة السلبية.
7. اسأليهم كيف شعروا بعدما وصلوا إلى الإنجاز، ففي هذه اللحظات يكون الطفل فخوراً بنفسه واسأليهم إن كانوا مستعدين للاستمرار وإن كان هناك أمر يريدون أن يخبرونك به عن وقت أو طريقة الحفظ. وحاولي أن تتجاوبي معهم وتطوري من أدائك فهذا يشعرهم بالاهتمام والإيجابية.
حلول أخرى تساعدك في تعليم القرآن الكريم للأطفال
بعض الأمهات يشعرن بصعوبة هذه التحديات ويقلقن من عدم قدرتهن على القيام بهذه المهمة بشكل ناجح ومستمر أو ربما لا يجدن في الأصل الوقت الكافي لذلك بسبب انشغالهن بأعمال أخرى،
لأجل ذلك نقترح عليك الحلول والأساليب الآتية التي من شأنها أن تساعدك في تحفيظ القرآن الكريم لأطفالك:
1- تعليم القرآن الكريم للأطفال من خلال تطبيق حسناتي
في صدارة مقترحاتنا تطبيق حسناتي، الذي يوفر لأطفالك تجربة استثنائية في حفظ القرآن الكريم تجمع بين الحداثة والمتعة من جهة وبين التفاعل الحقيقي مع معلم متخصص من جهة أخرى. وفق منهج معد من قبل تربويين متخصصين في تعليم القرآن الكريم للأطفال والعلوم الإسلامية. يوفر تطبيق حسناتي لأطفالك:
- ورد يومي من خلال التطبيق، عبر "فيديوهات استمع وردد"
يقدّم تطبيق حسناتي، دروساً رقمية وفيديوهات "استمع وردد" في سورة الفاتحة وجزء عمّ ضمن المستوى الأول من المقرر، في إطار برنامج أسبوعي يمتد إلى ١٤٠ يوماً. يتم الطفل فيه حفظ جزء عمّ كاملاً مع المراجعة. بمعدّل حفظ ٢٥ كلمة يومياً إضافة إلى المراجعة الأسبوعية.
- متابعة أسبوعية من قبل معلم مختص
يقدم فريق تطبيق حسناتي خدمة الإشراف والمتابعة لأطفالك من قبل معلمين ومعلمات بهدف ترسيخ المحفوظات عند الأطفال بأسلوب لطيف مرغّب لهم وتخصصيّ. إضافة إلى التقييمات والتقارير التي سيحصل عليها أولياء الأمور ليكونوا في أجواء تطور أداء الأطفال.
- أنشطة تفاعلية واختبارات
مع كل ورد حفظ قصير، نقدم ضمن تطبيق حسناتي باقة من الأنشطة التفاعلية والتقويمية الممتعة لأطفالك تهدف إلى تثبيت محفوظاتهم وجذبهم بأسلوب معاصر ومحبب.
- دروس غنيّة في التربية الإسلامية
إلى جانب تحفيظ القرآن الكريم للأطفال، يقدم تطبيق حسناتي المنهج الرقمي الأغنى في التربية الإسلامية بمختلف مواضيعها: الأخلاق النبوية، قصص الأنبياء، الأذكار، الفقه، العقيدة، وغيرها. وذلك بأسلوب معاصر يعتمد الرسوم المتحركة التربوية، مصحوبة بالأشغال اليدوية، الأنشطة التفاعلية، المهمات الواقعية، والمنافسة مع أطفال المسلمين على مستوى العالم.
2- حلقات تحفيظ القرآن:
يرسل بعض الأهالي أبنائهم لحلقات تحفيظ القرآن حيث يتواجد المتخصصون في التحفيظ. تمتاز هذه الحلقات أنها جماعية، حيث تتوفر البيئة التفاعلية والأجواء التنافسية للطفل بين أقرانه، وتشعره بالجدية فيحرص على المثابرة. وعادةً ما تكون هذه الحلقات في المساجد ولذلك أثر طيّب على الطفل في التعلق بالمسجد، والتعرف على أصدقاء صالحين جدد هناك.
لكن بعض الأهالي لا يحبذون هذا الحل إذ يلزمهم بمهام توصيل أطفالهم إلى مكان الحلقة وإعادته عند الانتهاء إن كان المسجد بعيداً عن المنزل. أو أنهم يقلقون على أولادهم من التأثر بأجواء فكرية غير مناسبة وهذا يحتّم عليهم أن يعرفوا تماماً بين يدي من يضعون أبناءهم بشكل دوري. كما أن جائحة كوفيد-١٩ كانت كفيلة أن تُعيد أهمية دور الأبوين في التعليم ضمن المنزل واستحالة الاستغناء عنه.
3- حلقات التعليم عبر الانترنت:
بعد جائحة كوفيد-١٩، انتشرت بشكل كبير حلقات تعليم القرآن الكريم للأطفال والراشدين عن بعد فضلاً عن جميع المواد الأخرى، من خلال الحصص الافتراضية، حيث يشترك الطفل في برنامج حفظ يومي أو أسبوعي، يدخل بأوقات محددة ليجد معلم أو معلمة تحفّظه ورداً من القرآن الكريم وتسمّعه له. وقد تكون هذه الحصص فردية أو جماعية. وقد وجد الكثير من الأهالي في هذه الطريقة حلاً يجمع بين تفويض المهمة للمعلم أو المعلمة، مع بقاء الطفل تحت متابعة الأهل في المنزل.
إلا أن هذه الطريقة تفتقد إلى عنصر الجذب المتوفر في تطبيق حسناتي حيث الوسائط المرئية والمسموعة والأنشطة الممتعة، وفي حلقة المسجد حيث التفاعل المباشر والحقيقي مع المعلم والزملاء.
نبذل السبب والله الموفق
نحن في تطبيق حسناتي، وفي سبيل الدعوة إلى الله تعالى ونشر دينه بين أطفال الأمة، نجتهد ونسعى ونطور من أسلوبنا بما يناسب الواقع الحالي، ونأخذ بجميع الأسباب المتيسرة لنا، دون أن نغفل عن اللجوء إلى المولى عز وجلّ بالدعاء لأطفالنا بصلاحهم، فهو سبحانه القادر على كل شيء.
نسأل الله أن يقر عينك بحفظ أبنائك للقرآن الكريم، وأن يكرمك بتاج من نور كضوء الشمس، ونسأله سبحانه أن يحشرنا بجوار سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
بارك الله فيكم على الجهود المبذولة جعلها الله ثقلا في ميزان حسناتكم وتقبل منكم مسعاكم